تركيــا فــي المســتنقع الكــردي: إزهــاق الكثيــر مــن الــدم |
محمد نور الدين تعرّضت تركيا من جديد لضربة عسكرية قوية عبر الهجوم الذي شنه حزب العمال الكردستاني على مركز عسكري في منطقة بيت الشباب بمحافظة شيرناك الحدودية مع العراق، والذي سقط من جرائه 10 قتلى عسكريين. وهو ليس الهجوم الأكبر، ولكنه حلقة في سلسلة هجمات واسعة وموجعة بدأها الحزب منذ أواخر تموز الماضي، بعملية برية واسعة في منطقة شمدينلي عملت السلطات التركية على التعمية الإعلامية عليها.وتجد حكومة رجب طيب اردوغان نفسها في مأزق نتيجة تكرر الهجمات الكردية، وتزامنها مع تفاقم التوتر التركي مع سوريا ودول الجوار الأخرى.ويرى العديد من المحللين أن حزب العمال الكردستاني يريد من هذه الهجمات أن يحكم سيطرته على مناطق داخل تركيا، ومن ذلك الانتقال إلى «احتلال» مبانٍ رسمية في منطقة محددة كي يعلنها مناطق محررة، يتخذها قاعدة ليظهر أمام الرأي العام حضوره العملي، وليس فقط عبر عمليات تنطلق من شمال العراق ليعود بعدها إلى قواعده.وهذه الإستراتيجية الجديدة تنسجم مع حالة التفلت التي تشهدها المنطقة، انطلاقاً مما يجري في سوريا ويستفيد منها حزب العمال الكردستاني، كما استفاد من الفراغ الأمني في شمال سوريا وانتشرت عناصره في بعض مناطق شمال سوريا الكردية.لكن بعض المحللين يرون أن اقتطاع مناطق من تركيا غير ممكن من الناحية العملانية، وبالتالي يرى البعض أن الهدف الأساسي، من هذه العمليات الواسعة والمتواصلة والمتنقلة أيضاً، هو حرف الأنظار عما يجري في سوريا والتخفيف من الضغوط على النظام السوري. وفي هذا الإطار يحظى الحزب بدعم كل دمشق وبغداد وطهران على حد قول محمد تزكان في صحيفة «ميللييت».ويقول تزكان إن حزب العمال الكردستاني يريد توريط أنقرة في حرب شاملة معه، وخلق فتنة مذهبية في تركيا، وإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط انطلاقاً من تركيا، وإثارة الكلام على حدود الجمهورية التركية. وهو بذلك يريد أن يلعب بالحدود التركية، وهذا هو المعنى الأساسي لهجمات الحزب العسكرية على الجيش التركي.ويقول محمد علي بيراند، في صحيفة «حرييت»، إن تركيا شهدت أسوأ صيف لها منذ 14 عاماً، أي منذ اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في العام 1999 بعد خروجه من سوريا. واعتبر أن ما يجري هو استعراض القوة الأكبر للحزب، ويظهر أن المعركة المسلحة ستستمر أعواماً إلى الأمام.ويعرض بيراند جردة لخسائر تركيا بين شهري نيسان ونهاية آب هذا العام، فيقول إنها قاربت المئة قتيل وسط الجنود الأتراك والمئتي جريح. ويرى أن حزب العمال الكردستاني لا يريد اقتطاع منطقة سيطرة خاصة به، بل إظهار وجوده الدائم في مناطق محددة، ولا سيما بعدما التقى مقاتلوه نواباً من «حزب السلام والديموقراطية» الكردي علناً، وعانقوهم لدى مرورهم في تلك المنطقة. والهدف الثاني هو أن يظهر للحكومة التركية أن الاعتقالات الواسعة على مدى سنتين وأكثر، لكل الفئات المدنية التي تؤيده وبلغت الآلاف، لم تضعف قوته وأنه قادر على الضرب العسكري كلما أراد ذلك.ويوضح أن الحزب أراد أن يظهر للحكومة التركية أن كل الاستخبارات الأميركية والتركية، وما يحكى عن تعاون تركي مع «رئيس» إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني لن تثني عزمه على التحرك وبسهولة فائقة لضرب الأهداف التركية. والعمليات العسكرية الكردية ردّ على استمرار منع اللقاءات بين أوجلان ومحاميه وأقاربه. كذلك يريد الحزب أن يدفع الحكومة إلى مواقف متشددة، وهو ما حصل عندما اعتبر اردوغان أنه لا توجد مشكلة كردية في تركيا بل مشكلة «إرهاب»، رافضاً حتى التمييز بين الحقوق الكردية وبين «الإرهاب» التي كان يحرص المسؤولون الأتراك، ولو شكلاً، على الحفاظ عليها.ويقول بيراند إن حزب العمال الكردستاني نجح في أن يقلق تركيا في هذه المرحلة وإدخالها في مرحلة جديدة ستشهد إراقة دم كثير.وينظر المحلل والأكاديمي إحسان داغي، في صحيفة «زمان» الإسلامية، إلى المشكلة من زاوية تداعياتها السياسية في الداخل، فيقول إنه ليس سراً أن هناك رابطة بين حزب العمال الكردستاني و«حزب السلام والديموقراطية» الكردي الممثل في البرلمان. ويقول إن |