مقالات

الأرمن عاتبون على الاستقبال الحار لداود أوغلو: ليتذكّر السياسيون ما فعله الأتراك خلال 400 سنة

بيار عطا الله
صحيفة النهار-لبنان
21 كانون الثاني/يناير 2012

وحدهم الارمن لم يستقبلوا وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو لدى زيارته الاخيرة الى لبنان، و لا هو زار مرجعياتهم الدينية، مع انه لم يترك مرجعا دينيا مسيحيا او اسلاميا الا زاره مستوضحا ومناقشا باسم حوار الحضارات وحماية التنوع والتعدد. واسباب انقطاع التواصل بين الجانبين معروفة، والارمن الذين يتهمون اللبنانيين بأن "ذاكرتهم ضعيفة وينسون بسرعة، يصرون على مسؤولية تركيا عن ابادة الارمن مطلع القرن العشرين، في حين تتمسك السلطات التركية برفض الاعتراف بما جرى ونكرانه.
نزل الارمن قبل ست سنوات الى الشارع وتظاهرت مختلف قواهم السياسية من طاشناق وهنشاق ورامغفار استنكارا لمشاركة القوات التركية في عديد "اليونيفيل" في جنوب لبنان بموجب القرار 1701، ونظموا لاحقا تظاهرة صاخبة الى وسط بيروت استنكارا لزيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وجولته على المناطق اللبنانية، ولم يتركوا لافتة مرحبة بالزيارة الا مزقوها. وكان منتظرا ان تتحرك حشود الارمن هذه المرة ايضا، لكنها ولسبب ما لم تنزل الى الشارع ولا الى وسط بيروت ولا حتى الى امام مبنى "الاسكوا" محجة المظلومين واصحاب الشكوى. ويقول الامين العام لحزب الطاشناق هوفيك مخيتاريان انهم قرروا الافساح في المجال امام اللبنانيين هذه المرة لكي يتذكروا ما قام به الاتراك في لبنان، ويضيف: "ذاكرة اللبنانيين ضعيفة، وليتذكر السياسيون اللبنانيون ما فعله الاتراك خلال 400 سنة من الحكم العثماني، وهم يتناسون ان تمثال الشهداء في وسط بيروت انما اقيم تكريما لمن نكل بهم الاتراك وعلقوهم على حبل المشنقة".

"لا يصغون الينا"

لا مكان لأي مساومة على الموقف الارمني من تركيا، سواء في لبنان ام في كل انحاء العالم، وهذا الموقف العقائدي او الوطني لدى الارمن يختصرونه بكلمات مثل: "ان لا خير يرتجى من المواقف التركية، ونحن نبهنا القيادات الى مخاطر مسايرة السياسة التركية لان اهدافها ومصالحها تتجاوز كل الامور الاخرى". ويشير الارمن الى انهم لفتوا القيادات العربية ايضا خلال شهر العسل بينها وبين الاتراك الى ضرورة الحذر من السياسة التركية في الشرق الاوسط "لكن احدا لم يصغ الينا وها هم اليوم وصلوا الى ما كنا قد حذرناهم منه وصحت توقعاتنا، لذلك نحن ضد السياسة التركية وسنبقى ضدها في سوريا وكل العالم"، على ما يقول مخيتاريان. بالنسبة الى الطاشناق رأس الحربة الارمنية في لبنان والاكثر تصلبا، فان كل المواقف التركية "ميؤوس منها" وتدخل في اطار "المداهنة والمناورة السياسية سعيا وراء تثبيت المصالح التركية في المنطقة". ويرى ان المناورات التركية بدأت منذ اللقاء الشهير في منتدى دافوس عندما رفض اردوغان مصافحة الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس على خلفية الحرب على غزة، ويضيف: "بدأت بعدها مسرحية تحويل اردوغان الى رمز وبطل عربي مثل جمال بعد الناصر وهرول العرب جميعا الى التعاون مع الاتراك وفي مقدمهم سوريا التي يحتل الاتراك ارضها في لواء اسكندرون، ثم عمدوا الى الترويج للثقافة التركية من خلال البرامج التلفزيونية والتعاون الاقتصادي، ونسي العرب الاطماع التركية في السيطرة على المنطقة وذلك الحلم التركي القديم بدولة عظمى تهيمن على دول المنطقة".
وقبل فترة بادرت الاحزاب الارمنية الى التصدي لمشروع يرمي الى التوأمة بين بيروت واسطنبول واعتبرت الامر تحديا لمشاعر آلاف الارمن المقيمين في بيروت.
فوجئ الارمن ببرنامج الزيارات الروحية الذي اعد لأوغلو اذ يعتبرون انه اعطي اكثر مما يستحق. ويتوجه مخيتاريان الى القادة المسيحيين الذين التقاهم اوغلو بالدعوة الى "الاطلاع على مصير الوجود المسيحي في تركيا وما تبقى منه: الكنائس محتلة وكذلك اراضي الاوقاف والمدارس والمنازل ومن تبقى من مسيحيين هناك يشكلون اقليات صغيرة تكاد تكون غير موجودة نظرا الى ضآلة حجمها". ويسأل: "هل يدرك اللبنانيون ما يفعلونه ببلدهم من خلال الافساح للاتراك بالتسلل الى الوضعية اللبنانية وهذا ما سيشكل خطرا كبيرا على مستقبل المنطقة ككل؟".
وتابع: "اذا كانت الحكومة التركية معنية بحقوق الانسان في سوريا فذلك خدمة لأهدافها الخاصة، لكن لماذا لا تشرح للعالم اوضاع حقوق الانسان والاقليات والاكراد في تركيا وكم قتلت منهم خلال الاشهر الاخيرة؟
يقول الطاشناق انهم سيجولون على كل القيادات الروحية اللبنانية وخصوصا المسيحية لشرح موقفهم.

جديد

تحميل الكتاب - تحميل الخرائط
أحدث المواضيع
بــيـــان عموم الأرمن في الذكرى المئوية للإبادة الجماعية الأرمنية
إصدارات - كتب

ذاكرة أرمنية – صور من مخيم لاجئي حلب 1922-1936


نحو قرار عادل ومنصف حول نزاع كاراباخ الجبلية

النشرة